محمد صلاح المديــــر العـــام للمنتدى
عدد المساهمات : 295 تاريخ التسجيل : 22/12/2010 العمر : 33
| موضوع: صرخة مدوية: ألم يأن لعلماء تونس أن ينطقوا؟ 26.01.11 7:19 | |
| [size=18]ألم يأن لعلماء تونس أن ينطقوا؟
الكاتب: ياسين بن علي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
ثار الشعب التونسي على الطغيان والطاغوت، فكلّفه ذلك عشرات القتلى ومئات الجرحى؛ إنّها حصيلة مفزعة مرعبة، حرّكت مشاعر الناس كلّهم فحرّرتهم من أغلال الخوف والخنوع ليتطلّعوا إلى مستقبل أفضل يسود فيه العدل والأمن والأمان. لقد أنطق ظلم بن علي وزبانيته الفلاّح، والمعلّم، والمحامي، والمهندس، والطبيب، والتلميذ، والطالب، والممثل، ومغني الراب، إلاّ علماء تونس. ومع أنّ الأحداث الدامية المؤلمة قد انقضت، وتحرّر الشعب من الخوف لينطق كل برأيه، إلا أنّنا لا زلنا نرى سادتنا العلماء في صمتهم يعمهون.
فيا أيّها السادة العلماء، أليس منكم رجل رشيد يتقوّى بربّه عزّ وجلّ، فيأوي إلى ركن الأمّة الشديد؟ أليس منكم من يتأسّى بدُعدُع وابن التبّان والسِبائي والمَمْسي والكَوّاش وابن عاشور وخليف، فينطق بكلمة الحقّ؟
يا أيّها السادة العلماء، ألا ترون تحرّك العلمانيين والشيوعيين لتبني ثورة الشعب المسلم؟ ألا ترون تحرّك أمريكا وأوروبا لسرقة الثورة؟ ألا ترون كيف يسعى رجال النظام البائد إلى الاستيلاء على ثورة الشعب؟ أفلا يحرّك هذا غيرتكم على الدّين فترفعوا راية الإسلام لينضوي تحتها النّاس؟ أفلا تدركون أنّ انتفاضة الناس العفوية على الظلم والفساد في حاجة ماسة إلى من يقودها ويوّجّهها؟ فلترفعوا أنتم راية الإسلام ولتتولوا قيادة الناس بالإسلام، قبل أن تستبدّ بها العلمانية اللائكية.
يا أيّها السادة العلماء، لقد آن الأوان للصدع بكلمة الحقّ، وآن الأوان ليعود علماء الزيتونة كما كانوا من قبل قادة للناس في ميادين النضال حملة للواء الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وآن الأوان لتعملوا مع العاملين لنصرة هذا الدين من أجل بناء دولة تقوم على العقيدة الإسلامية وتطبّق النظام الإسلامي في شتى مجالات الحياة.
يا أيّها السادة العلماء، لقد حارب بورقيبة الزيتونة؛ لأنها رفضت اللائكية ورفضت فصل الدين عن الدولة، وطالبت بتطبيق الشريعة الإسلامية وبقيام الدستور على الكتاب والسنة. وإليكم ما يلي: نشرت المجلة الزيتونية (م9ج8 سنة1955م) لائحة سياسية جاء فيها: "إن المؤتمر القومي الزيتوني الثالث المنعقد بالحي الزيتوني في ربيع الأول أيام 15-16-17 وفي 1-2-3 نوفمبر 1375- 1955 يمجد كفاح الشعب التونسي ويفخر بتضحيات أبنائه في سبيل الوطن ويترحم بخشوع على الذين سقطوا في الميدان وهم يشقون الطريق من أجل سيادة الشعب واستقلاله ويطالب بأن يكون الدستور المستقبل للبلاد إسلاميا لدولة إسلامية...". وقد نشرت المجلة الزيتونية مقالا في حلقتين للعلامة صاحب الفضيلة الشيخ محمد البشير النفير المفتي المالكي بعنوان "فصل الدين عن الحكومة"، ومما جاء فيه: "ثم جاءت الحرب العالمية الأولى فكان ممن صلي نارها الدولة العثمانية الدستورية وهي يومئذ دولة الخلافة ودينها الإسلام حسب المنصوص عليه في دستورها ثم وضعت الحرب أوزارها وخرجت الدولة منها مغلوبة على أمرها فرأت دولة انكلترا أنه جاء الوقت الذي تتمكن فيه من القضاء على الخلافة الإسلامية الدينية وتقيم مكانها دولة تقطع الصلة بينها وبين من يعتصم بحبل الدين من الدول والأفراد في الشرق والغرب وسخّرت لهذا أحد قواد الأتراك [كمال أتاتورك] ممن رضي أن يقوم بهذا ويقضي على الخلافة ويجردها عن الدين وفي هذا ما فيه من الفوائد للدولة الانكليزية والخسارات الجمة على الإسلام ودولته... حتى إذا تم له الأمر جاهر بالقضاء على الخلافة وأعلن أنه أسس حكومة لائكية أي حكومة لا دين لها إذ لا معنى لللائكية عند من يستعملها ويدعو إليها إلا ما قلنا: لا دين...". وختم الشيخ مقاله بقوله: "... لا خطر يهدد أحدا من الناس ولا مصلحة من المصالح العامة والخاصة أن تبقى الحكومة الإسلامية على صبغتها الحقيقية آخذة بزمام السلطتين الدينية والمدنية بل الخير كل الخير أن تبقى على جمعها الحميد، وقياسها على بعض الحكومات المسيحية التي فرقت بين السلطتين قياس ليس له من الحق جامع بل الفارق بيّن كفلق الصبح وحسبنا الله ونعم الوكيل وهو يقول الحقّ ويهدي السبيل". وقبله كتب الشيخ محمد العزيز جعيط شيخ الإسلام المالكي مقالا نشرته المجلة الزيتونة بعنوان: "الإسلام دين ودولة وقومية". ومما جاء فيه: "الدين الإسلامي رحب الساحة ممتد الأطراف لا ينحصر في نطاق الاعتقادات والعبادات بل يتناول بنظره ما يحتاج إليه الفرد والجماعة والدولة من النظم والقوانين. ويتعيّن على الأمة الإسلامية أن تكون نظمها على تعدد أنواعها مستمدة من دينها منضوية تحت لوائه غير خارجة عما عيّنه وأصّله... فجميع ما ثبت بالكتاب أو السنة مما يتعلق بالنظم والأحكام على تعدد أنواعها لا يسوغ للمسلم بحال أن يثور عليه وينبذ طاعته بله مناهضته والسعي في تعويضه بقوانين لا تساير أصوله ولا تشايع قواعده". فموقف الزيتونة الذي عبّر عنه العلماء هو وجوب الحكم بما أنزل الله، وحرمة الفصل بين الدين والدولة، ووجوب بناء الدولة على الإسلام. وهذا الموقف أدركه بورقيبة؛ لذلك سعى إلى القضاء على الزيتونة، وهو ما أدركه بن علي أيضا فواصل المسيرة البورقيبية وهمّش الزيتونة ودورها في المجتمع بل اجتثّ وجودها.
يا أيّها السادة العلماء، إنّ الشعب التونسي المسلم يدعوكم إلى تحمّل المسؤولية أمام ربّ العالمين وعدم كتمان الحقّ في وقت وجب فيه الصدع بالحقّ؛ يدعوكم إلى النزول إلى الشارع لقيادة النّاس من أجل تغيير هذا النظام العلماني الفاسد، وتوجيه النداء إلى يمتلك السلطة ليعيدها إلى الأمة فتنصّب خليفة يحكمها بالكتاب والسنة، فيقضي على الفساد والرشوة والمحسوبية، ويعيد للناس كرامتهم المسلوبة ويوفّر لهم العيش الكريم من ضمان للحاجات الأساسية وتوزيع عادل للثروات وغير ذلك مما لا يخفى من عدل نظام الإسلام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. 13 صفر 1432هـ
نقلا عن مجلة الزيتونة[/size] | |
|