السحر فى اللغة قال الأزهرى: السحر عمل تقرب فيه الى الشيطان وبمعونة فهو عن طريق الشيطان والجان.
والسحر فى الاصطلاح قال الفخر الرازى: هو عرف يختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجرى مجرى التمويه والخداع.
وقال ابن القيم فى زاد المعاد (4/126) : هو مركب من تأثيرات الأرواح الخبيثة وانفعال القوى الطبيعية عنها والسحر اتفاق بين الساحر والشيطان على أن يقوم الساحر بفعل بعض الشركيات والمحرمات فى مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب وبعض هذه المسائل أن يرتدى الساحر المصحف فى قدميه يدخل به الخلاء أو كتابة آيات القرآن بالقذارة ودم الحيض والنجاسات أو كتابة بعض الآيات أسفل قدميه أو يكتب القرآن بالعكس أو بالمقلوب أو الصلاة بدون وضوء أو الذبح للشيطان أو السجود له وكلما اشتد الساحر كفرا وشركا كانت الطاعة له من قبل الشيطان والجن.
والجن مذكور فى القرآن والإيمان به واجب قال تعالى( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(الذاريات:56)
وقال تعالى( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن)(الأحقاف:29) وغير ذلك من الآيات.
وأخرج الإمام مسلم من حديث ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسام قال( أتانى داعى الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن) رواه مسلم من حديث ابن مسعود.
وكذلك خرج الإمام مسلم من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال النبى صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه فان الشيطان يدخل) رواه مسلم من حديث أبى سعيد الخدرى.
الدليل على السحر قال تعالى( فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله)(يونس:81)
قال تعالى ( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى)(طه:69)
وأخرج البخارى ومسلم من حديث عائشة أنه قالت( سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بنى زريق يقال له لبيد بن الأعصم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل أنه يفعل الشئ وما فعله) رواه البخارى ومسلم من حديث عائشة.
والذى أنكر ذلك أهل البدع بحجة أن ذلك قادح فى مكانة النبوة وأجيب بأن هذا باطل لآنه كان على جسده وبصره فقط وكان السحر سببا فى خلل فى أمور الدنيا وليس فى أمور الدين والتبليغ فهو معصوم من الزلل فيه وهى محفوظه عند النبى بحفظ الله لدينه وهو من الكبائر أي السحر كما أخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يارسول الله وما هى؟ قال: الإشراك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) رواه البخارى ومسلم.
قال الخطابى رحمه الله فى شرح السنة(12/188) : قد أنكر قوم من أصحاب الطبائع السحر وأبطلوا حقيقته والجواب أن السحر ثابت وحقيقته موجوده اتفق أكثر الأمم من العرب والفرس والهند وبعض الروم على إثباته وهؤلاء أفضل سكان الأرض وأكثرهم علما وحكمة قال تعالى( يعلمون الناس السحر)(البقرة:102) وأمر بالاستعاذة منه فقال( ومن شر النفاثات فى العقد)(الفلق:4) وورد فى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار لاينكرها إلا من أنكر العيان والضرورة وفرع الفقهاء فيما يلزم الساحر من العقوبة وما لا أصل له لا يبلغ هذا المبلغ فى الشهرة والاستفاضة لاختفى السحر جهل والرد على من نفاه لغو وفضل. انتهى.
وقال القرطبى فى تفسيره(2/46): ذهب أهل السنة الى أن السحر ثابت له حقيقة وذهب عامة المعتزلة وأبو إسحاق الاستراباذى من أصحاب الشافعى الى أن السحر لا حقيقة له وانما هو تمويه وتخيل وإيهام لكون الشئ على غير ما هو به وهذا باطل بل له حقيقة وله تأثير لكن بما قدره القدير قال الحكمى فى سلم الوصول (والسحر حق وله تأثير لكن بما قدره القدير)
فهو قد وقع بقدر الله الكونى وسورة الفلق نزلت باتفاق المفسرين كما كان من سحر لبيد بن الأعصم للنبى صلى الله عليه وسلم كما أخرجه البخارى ومسلم وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم لما حل السحر قال( ان الله شفانى) والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض فدل على أن له حقيقة وتأثيرا فهو مقطوع بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة والمنكرين للسحر ولقد شاع السحر وذاع فى سابق الزمان وتكلم الناس فيه ولم يبد من الصحابة والتابعين إنكار لأصله.
وكذلك أيضا قال النووى: ان السحر له حقيقة وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ويدل عليه الكتاب والسنة (نقلا عن فتح البارى(10/222).
وقال ذلك أيضا المارزى فى (زاد المسلم(4/225)
وكذلك أيضا ابن قدامة فى المعنى(10/106)
وكذلك قال أبو محمد المقدسى: ان السحر لو لم يكن له حقيقة ما أمر الله بالاستعاذة منه(نقلا عن فتح المجيد314)
وكذلك قال ابن القيم: ان له تأثيرا وحقيقة( نقلا عن هامش فتح المجيد(315) تعليق الأرناؤوط.
وكذلك قال بهذا أبو العز الحنفى رحمه الله تعالى فى شرح العقيدة الطحاوية(505).
ويكون تحضير الساحر للجنى بطرق:
1- طريق الاقسام.
2- طريقة الذبح.
3- طريقة السفلية.
4- طريقة النجاسة.
5- طريقة التنكيس.
6- طريقة التنجيم.
7- طريقة الكف.
8- طريقة الأثر ومن أراد مراجعة ذلك فليراجع( كتاب الصارم البتار لوحيد بالى حفظه الله).
وحكم الساحر فى الإسلام: نذكر خلاصة القول فيها يروى عن عمر وعثمان بن عفان وابن عمر وحفصة وجندب بن كعب وقيس بن سعد وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة ومالك وأحمد وأبى ثور وإسحاق والشافعى وابن المنذر وابن كثير والحافظ بن حجر: أن من سحر بكلام كفر وجب قتله ويقتل أيضا من قتل بسحره وليس له توبة وحكمه حكم الزنديق وجمهور العلماء يقولون بقتل الساحر إلا الشافعى يقول: لا يقتل إلا إذا قتل بسحره فيقتل قصاصا ومن تاب ولم يخلص أمره إلى الحاكم وتاب وأخلص وندم واستغفر وعمل الصالحات تاب الله عليه لآن التوبة مقبولة بشروطها وانتفاء موانعها والله أعلم وعلى هذا حكم أيضا ساحر أهل الكتاب.
فلابد لوقوع الأحكام إتمام الشروط وانتفاء الموانع.
ولك مثال: رجل أراد أن يصلى مثلا فلابد من شروط صحة الصلاة الطهارة مثلا فى البدن والثوب والمكان وقد حقق ذلك لكن مثلا لابد من أن ينتفى موانع القبول وهى مثلا الكفر والردة وعدم سب الله ورسوله فى الصلاة متعمدا لأن الكافر إذا توضأ واستقبل القبلة وفعل شروط الصلاة لا تصح صلاته إلا إذا انتفت موانع القبول وهى دخوله فى الإسلام ونطق الشهادتين وعدم وقوعه فى نواقض الإسلام وغير ذلك فافهم وانتبه.
وكذلك مثلا رجل يصلى مخلصا لله لكن ليست على سنة رسول الله فلا تقبل صلاته فلابد من إتمام الشروط وانتفاء الموانع.
قد بينت لك حكم الساحر ولا يجوز حل السحر بالسحر ولا النشرة بالنشرة بل السحر والمس وأذى الجن للإنس لا يكون إلا بالرقية الشرعية وهناك فرق بين السحر والكرامة والمعجزة فالمعجزات انقطعت بموت النبى صلى الله عليه وسلم وقال ابن حجر وغيره من أئمة السلف الصالح.
نقل إمام الحرمين الإجماع على أن السحر لا يظهر إلا من فاسق وأن الكرامة لاتظهر على فاسق.( فتح البارى10/223)
وهناك أنواع للسحر:
1- سحر تفريق وصرف.
2- سحر محبة وعطف.
3- سحر تخيل.
4- سحر جنون.
5- سحر خمول.
6- سحر الهواتف.
7- سحر المرض.
8- سحر النزيف.
9- سحر تعطيل الزواج. ( راجع الصارم البتار لوحيد بالى حفظه الله)
وأعراضه:
1- رؤية الحيوانات فى المنام كالثعابين والعقارب والفئران والقطط السوداء والكلاب السوداء والديدان والبرص والبقر والإبل وهذا يكون دائما مع فزع وخوف وهذه الحيوانات لا تأتى مجتمعة للمصاب فى حلم واحد فتأتى أحيانا متفرقة ويأتى بعضها دون البعض وليست كل الحالات كبعضها.
2- قلة النوم والأرق والصداع وكذلك التثاؤب والنسيان والتوهان.
3- عدم القدرة على العمل بجدية وضعف العملية الجنسية ويتضايق فى بيته وعمله وصرفه عن بعض العبادات أو كلها.
والعلاج:
وهذا العلاج المبسط يكون لفك السحر أو المس أو العين بإذن الله تبارك وتعالى وآيات السحر فى الرقية الشرعية وتكون زيادة على الرقية من المس والحسد ولا بأس بذلك فكله كلام الله شفاء للمريض الجسدى والمريض النفسى بسبب الأرواح الخبيثة بسبب السحر أو المس وكذلك المرض المعنوى المؤثر بإذن الله وحو الحسد االذى سببه العين فكلام الله شفاء قال تعالى( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)(الإسراء:82)
مراحل العلاج:
1- التوحيد. توحيد الله بأسمائه وصفاته وربوبيته وألوهيته وعدم مخالفة أهل السنة.
2- إتباع النبى صلى الله عليه وسلم وعدم الابتداع فى الدين ولا فى العبادة ولا المنهج.
3- التوكل على الله والأخذ بالأسباب الشرعية ودعاء الله دائما فهو مجيب الدعاء ومنجى المضطرين وفارج كرب المكروبين ولا شافى إلا الله بالأسباب وبدونها.
4- الصبر على الابتلاء وما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك والجزاء على قدر البلاء مع الصبر.
5- الاستعانة بالله والاستغاثة واللوذ اليه والعياذ به سبحانه.
6- قراءة سورة البقرة يوميا وسماعها فى الأذن وكذلك سورة الصافات والفاتحة أيضا وأول سورة البقرة وأخرها وكذلك أيضا آية الكرسى والآية(102) من سورة البقرة،والآية( 122،121،120،119،118،117) من سورة الأعراف، والآية (82،81) من سورة يونس، والآية رقم(69) من سورة طه، والآية(118،117،116،115) من سورة المؤمنون، والآية (32:29) من سورة الاحقاف، وكذلك سورة الرحمن وآخر سورة الحشر الآية(24:21)، والمعوذتين والإخلاص.
وهذه الآيات تقرأ على زيت حبة البركة ويدهن به الجسم كله مع التدليك يوميا وكذلك هذه الآيات تسمع وتقرأ وكذلك تقرأ بعضها أو كلها على ماء ويغتسل به المريض مع أذكار الصباح والمساء والمحافظة على قول( لا اله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير) 100مرة فى اليوم يكون حفظ من الشيطان وكذلك عدم سماع الأغاني والتلبس ببعض المحرمات مثلا للمرأة أن لا تتبرج وتلبس الحجاب وتغطى جميع جسمها ويكون الحجاب فضفاضا وسميكا وليس بزينه فى نفسه ولا لباس شهرة ولا لباس كافرات وكذلك أيضا إخراج الصور والتماثيل والتصاوير المرسومة من البيت حتى تحل الملائكة فيه فان هذا لايدخل الملائكة البيت وكذلك الموسيقى والجرس والكلاب ضررها كضرر الصور.
وكذلك المحافظة على كثرة الدعاء والذكر والاستغفار والمحافظة على الصلاة وخصوصا صلاة الفجر لآن صاحبه فى ذمة الله.
ولك علاج فعال هو قيام الليل والاستغفار بعده قال النبى صلى الله عليه وسلم ( عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله ومنهاه عن الإثم ومكفر للسيئات ومطردة للداء عن الجسد). رواه أحمد والترمذى والحاكم والبيهقى والطبرانى وابن السنى وابن عساكر وصححه الألبانى فى صحيح الجامع(4079).
فقيام الليل شفاء من الأمراض والأوجاع والأسقام وكذلك الاستغفار قال تعالى ( فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)(نوح: 12:10).
والعكس.
قال تعالى( ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا)(طه:124).
فالهم اشفى جميع مرضى المسلمين وسلمهم من كل أذى وحسد ومس وصرع وسحر ونكد.
وكذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء وأذكار اليوم وأذكار دخول الخلاء والخروج منه وأذكار الخروج من البيت ودخوله والذكر عند الطعام والشراب والجماع وأذكار خلع الملابس ولبسها لأن النبى صلى الله عليه وسلم يقول( ستر ما بين أعين الجن وعورات بنى آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول بسم الله). رواه الطيالسى عن أنس وصححه الألبانى فى صحيح الجامع(3610)